رئاسة الانتقالي تُطالب مجلس القيادة بإجراءات حازمة وحاسمة توقف العبث بملف الخدمات.. انفوجرافيك

كل عام والجنوب وأهله بخير.. كاركاتير

برئاسة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي هيئة الرئاسة تثمن دعم الأشقاء بدولة الإمارات ومواقفهم الأخوية والإنسانية تجاه شعب الجنوب



اخبار وتقارير

الثلاثاء - 17 مارس 2020 - الساعة 01:31 م بتوقيت عدن ،،،

4مايو/ متابعات

تطورات خطيرة حدثت مؤخرًا على الساحة اليمنية، لا ينبغي استصغارها أو غضّ الطرف عنها؛ يتمثل أبرزها في التقدم النوعي الذي أحرزته ميليشيات الحوثي الإرهابية، ولتبسط سيطرتها في فترة وجيزة على مناطق شاسعة من محافظة الجوف -الاستراتيجية والمتاخمة للحدود السعودية- متوجةً تقدمها بالاستيلاء على مدينة “الحزم” مركز المحافظة ولترتكب أبشع الجرائم في حق المدنيين العزل هناك؛ بتنفيذها إعدامات ميدانية وتصفية الجرحى وتنفيذ اعتقالات وحرق للمنازل أمام انسحاب كبير لـ”قوات الشرعية” من تلك المناطق، والتي سبق لتحالف دعم الشرعية أن حررها منذ ديسمبر عام 2015م، وبالتالي يفترض أن تكون تلك المناطق محصنةً تحصينًا جيدًا طيلة السنوات الأربع الماضية، بيد أن تقهقر القوات الموالية للشرعية بتلك السرعة وانسحابها وصولًا إلى مأرب وهي التي ما انفكت تتحدث عن انتصاراتها واستعداداتها للتقدم نحو صنعاء؛ يطرحان عديدًا من التساؤلات، إذ إن الواقع على الأرض يقول إن “قوات الشرعية” لم تبرح مكانها في معظم الجبهات الشمالية منذ وقت طويل؛ ما حدا ببعض المراقبين إلى التساؤل عما إن كانت تلك الانتصارات، التي ما فتئ يرددها مراسل قناة “العربية”، تعكس واقع الحال!


سياق تراجع “قوات الشرعية” في الجبهات الشمالية

ولا يستطيع مراقبون تجاهل حقيقة أن هذه التطورات الميدانية برزت إرهاصاتها بُعيد انتهاء أعمال “قمة كوالالمبور الإسلامية المصغرة” في منتصف ديسمبر الماضي، والتي ضمت قادة مجموعة من الدول الشريكة أو الحليفة للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين؛ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، جنبًا إلى جنب مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، بالإضافة إلى الرئيس الماليزي السابق مهاتير محمد حيث جاءت أعمال هذه القمة بعد غزل متبادل بين طهران وأنقرة، كان موضوعه الساحة اليمنية، ومنه تصريح ذو دلالة مهمة أدلى به أردوغان في القمة الخامسة لـ”عملية أستانا” التي أُقيمت في أنقرة، والتي جمعته -إضافة إلى الرئيس الروسي- بالرئيس الإيراني حسن روحاني؛ حيث ألقى أردوغان باللائمة على السعودية -دون أن يُسميها- في ما يتعلق بالهجمات الإرهابية على منشآت “أرامكو”، وما يحدث من مأساة إنسانية في اليمن، قائلًا: “مَن الذي ألقى القنابل أولًا على اليمن؟” وسبق ذلك تصريحات للرئيس الإيراني قال فيها: “إن طهران وأنقرة قررتا إجراء مشاورات بخصوص المساعدات الإنسانية في اليمن والتعاون من أجل استتباب الأمن هناك”.

يأتي ذلك في الوقت الذي تم فيه رصد تحركات لعناصر محسوبة على “إخوان اليمن” وهم يغادرون دول التحالف، على دفعات وعلى فترات متفاوتة؛ لتجنب لفت الانتباه، باتجاه معقل الجماعة في مأرب وبعض الدول الأخرى؛ مثل تركيا وقطر وسلطنة عمان، بالإضافة إلى عدد من العواصم الأوروبية([9])، وما سبقه من تحركات باتجاه تعز والتلويح جهارًا باستدعاء التدخل التركي في الشأن اليمني، ليس من خلال الغطاء الإنساني فحسب كما كان في السنوات الخمس السابقة، بل والمطالبة صراحةً بتدخل سياسي ولوجستي وأمني لدعم تحركات “إخوان اليمن”، وتمكينهم على الأرض باسم دعم “الشرعية”، معتقدين أنهم بذلك إنما يمارسون ضغوطًا على تحالف دعم الشرعية؛ لإرغامه على الاستجابة لما يصب في صالح تحقيق أطماع “إخوان اليمن” للوصول إلى الحكم.

ثلاث وقائع مهمة ذات دلالة

وهنا لابد من استحضار تسلسل ثلاثة أحداث مهمة؛ أولها لقاء نائب وزير الداخلية التركي، في يناير 2019، رئيسَ الوزراء اليمني معين عبدالملك، في العاصمة المؤقتة عدن، واجتماعه بوزير الداخلية أحمد الميسري؛ لـ”بحث سُبل تقديم الدعم والتعاون في المجال الأمني وتجهيز وتفعيل اللجنة المشتركة”، ثم ما تلاه من زيارة لوزير النقل في “حكومة الشرعية” صالح الجبواني، إلى أنقرة في نهاية ديسمبر الماضي وثنائه على ما سماه بـ “عودة تركيا إلى الساحة العالمية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان” وحديثه عما سماه بـ”اتفاقية مع تركيا لتشغيل الموانئ والمطارات اليمنية”، والتي نفتها الرئاسة اليمنية في وقت لاحق، كما تبرأت من الزيارة، ووصفتها بأنها مجرد “زيارة شخصية”، ثم ما تلاه من اتهامات نائب رئيس وزراء “الحكومة الشرعية” وزير الداخلية أحمد الميسري، للتحالف بحادثة استهداف مأرب، وتعبيره عن عدم ثقته في المملكة، وأنهم سيتعاملون معها “على أساس ما يلمسونه على الأرض”!. كل ذلك يدعونا إلى التساؤل: مَن هم هؤلاء المتغلغلون داخل “الشرعية” والذين يشعلون فتيل الفتن هنا وهناك في معارك جانبية، ولا يريدون للمعركة أن تنتهي؟ ولماذا يفعلون ذلك؟

حقائق قد تصدم البعض حول “إخوان اليمن”

حتى نفهم ما يجري، علينا بدايةً أن نقف على بعض محدود جدًّا من الحقائق المهمة حول “تنظيم الإخوان المسلمين في اليمن”:

الحقيقة المثبتة الأولى أن حزب التجمع اليمني للإصلاح هو فرع “تنظيم الإخوان المسلمين” في اليمن، مهما ادَّعى قادته أن لا علاقة لهم بالتنظيم الإرهابي، أو أعلنوا تبرؤهم منه.

والحقيقة المثبتة الثانية أن “إخوان اليمن” تغلغلوا منذ وقت مبكر داخل الحكومات اليمنية المتعاقبة، “ولم يكن نفوذهم مقتصرًا على مجالَي الأوقاف والإرشاد والتربية والتعليم؛ بل إنهم تغلغلوا في معظم مفاصل الدولة، سواء منها المؤسسات الأمنية والعسكرية أو الدبلوماسية والإعلامية” .

أما الحقيقة المثبتة الثالثة فهي تغلغل “إخوان اليمن” كذلك في “المؤتمر الشعبي العام”، فمنذ تأسيسه وحتى اليوم والإخوان المسلمون “جزء فاعل فيه”.

والحقيقة المثبتة الرابعة أن نائب رئيس الجمهورية الجنرال علي محسن الأحمر، عضو قيادي في تنظيم الإخوان المسلمين فرع اليمن، وحين اندلاع ما سُمِّي بـ”الحراك الشبابي” وانضمام حركة الإخوان المسلمين إلى هذا الحراك إبان الثورة عام 2011، “انشق معظم الوجوه البارزة المحسوبة على الإخوان، من وزراء وسفراء لليمن في عدد من الدول العربية والغربية، ورؤساء تحرير صحف رسمية ومسؤولين في وكالة الأنباء اليمنية سبأ، وقادة أجهزة أمنية وعسكرية. ومن هؤلاء (اللواء) علي محسن الأحمر قائد المنطقة الشمالية الغربية وقائد الفرقة الأولى مدرع” الذي استولت قواته على الأجزاء الشمالية من العاصمة صنعاء؛ بما فيها “منطقة الاعتصامات” التي حماها بينما سلَّمت قواته ذاتها أمام تقدم ميليشيات الحوثي في عام 2014 من صعدة، مرورًا بعمران، وحتى دخلوا صنعاء دون مقاومة تُذكر.


أما الحقيقة المثبتة الخامسة، فهي أن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين سبق له الوقوف علنًا مع ميليشيات الحوثي الإرهابية في حرب السعودية ضده عام 2009، كما في تصريحات مرشدهم الأسبق مهدي عاكف تمامًا كما أن حزب التجمع اليمني للإصلاح سبق له أن دخل في حلف معهم عبر ما يُسمى بحلف “اللقاء المشترك”؛ بل ودافع عنهم إبان حروب علي عبدالله صالح ضد الحوثيين، وحمَّل الإصلاحيون حينها “السلطة” ممثلةً في علي عبدالله صالح، مسؤولية “الأزمة واستمرارها”، داعين إلى وقف الحرب ضد الحوثيين.


“إخوان اليمن” لا يريدون القضاء على “الحوثي” بشكل نهائي

يسعى “إخوان اليمن” في الواقع إلى تعزيز نفوذهم، وتقوية مراكزهم العسكرية والمالية والسياسية، وبسط سيطرتهم لتحقيق حلمهم في حكم اليمن، وهم يعتقدون أن ذلك لن يتحقق لهم إن تم القضاء على خطر ميليشيات “الحوثي” الإرهابية، تمامًا كما أنهم يعتقدون أنهم لربما سيكونون الهدف التالي لقوات التحالف إذا ما تم تدمير الحوثي، والقضاء على خطره بنجاح؛ لذا فهم يسعون إلى “إدارة الأزمة” من خلال الإمساك بخيوط اللعبة كافة، على الساحة اليمنية، فتجدهم يتوزعون ويتبادلون الأدوار في ما بينهم عبر الأحزاب والجبهات والمحاور هنا وهناك، فجزء منهم مكشوف مع محوره الأصلي، المحور التركي- القطري، وآخر منافق، مع محور التحالف؛ للقيام بعمليات تكتيكية لتحقيق أهداف استراتيجية، وعلى عاتقهم تقع المسؤولية الكبرى، وثالثة الأثافي ضمن معسكر الحوثيين أنفسهم! وهم بذلك يعتقدون أنهم يمسكون بخيوط اللعبة كافة، ويديرونها، فيقدمون المعلومات للجميع، وبين الجميع، ومن الجميع! وهم في الوقت ذاته لا يتوانون عن التصريح في الاجتماعات واللقاءات الثانوية وشبه الرسمية مع السياسيين والعسكريين والباحثين والإعلاميين من دول التحالف بأنهم “كإصلاحيين وليس إخوان مسلمين” يمتلكون القاعدة الشعبية الكبرى في اليمن، وأنه لا يمكن للتحالف أن يحسم المعركة، أو يقضي على “الحوثي” إلا بالشراكة معهم، وبالتالي هم يريدون ضمانات تحقق لهم مطامعهم في حكم اليمن، تمامًا كما يريدون القضاء على أي مهدد أو منافس لهم في تطلعاتهم تلك، والتي تتمثل في السيطرة على زمام الدولة اليمنية المستقبلية، ولا يتوانون في التلويح علنًا بالشراكة مع الأتراك واستدعائهم كلما شعروا بضغط؛ بهدف قسر التحالف -بزعمهم- على التعاون معهم. بيد أنه مع شعورهم بانكشاف أمرهم، وانفضاح تلاعبهم، وتضييق الخناق عليهم مع الوقت أكثر فأكثر من قِبَل التحالف والقوات اليمنية الوطنية الموالية له والمعادية للإخوان، وتضييق الخناق على ميليشيات الحوثي؛ فإن سيناريوهات تشكيل قيادة مشتركة بين “إخوان اليمن” وتركيا ضد تحالف دعم الشرعية بشكل علني وواضح، باتت أقرب من أي وقت مضى، تدعمها التحركات التركية- القطرية الرسمية؛ لتحقيق تفاهمات نهائية مع طهران حول الصيغة الشيطانية المثلى لـ”قلب الطاولة على التحالف” بزعمهم، وليصبح اليمن مسرحًا للنفوذ التركي- الإيراني جنوب الجزيرة العربية، ومصدر تهديد دائم لدول المنطقة، باعتبارها دولة إخوانية حوثية.

عماد المديفر
كاتب سعودي