القيادة التنفيذية تقف أمام التحضيرات الجارية لانعقاد عدد من المؤتمرات الدولية والمحلية لتعزيز الاقتصاد.. انفوجرافيك

رئاسة الانتقالي تناقش ما تم إنجازه في برنامج التعافي الاقتصادي وتؤكد ضرورة التكاتف لاستدامة التحسّن.. انفوجرافيك

الرئيس الزُبيدي يلتقي وفد منظمة أطباء بلا حدود البلجيكية ويشيد بدورها الإنساني والطبي.. انفوجرافيك



اخبار وتقارير

الخميس - 12 ديسمبر 2019 - الساعة 09:13 م بتوقيت عدن ،،،

تحليل/ د يحيى مولى الدويلة:


-تحرك الزُبيدي من الضالع لتحرير عدن شبيه بنزول الثائر (جيفارا) من جبال السيرامايسترا لتحرير هافانا


يطرح بعض الجنوبيين بعض التحفظات أو الانتقادات على أداء المجلس الانتقالي، لعلّ أبرزها أنه استبدل النضال السلمي بالنضال المسلح، أو أن هذا المجلس لا يمثل كل الجنوبيين وبأن الانتقالي أصبح رهينة للخارج، وأن الانتقالي بقدر ما نجح في الجانب الأمني والقضاء على عناصر التنظيمات الإرهابية إلا أنه لم ينجح على مستوى توفير الخدمات أثناء فترة إدارته لمدينة عدن. وأخيراً الاتهام بأن الانتقالي يبحث عن المناصب، وما القضية الجنوبية إلا سلماً يصعد عليها. لكن السؤال المنطقي هو: هل هذه الانتقادات لها ما يؤكدها على أرض الواقع، أم أن هناك جهات غير جنوبية تقف خلفها بهدف إيجاد نقيصة أو عيوب في أداء المجلس الانتقالي لسحب البساط من تحته وتجريده من جماهيريته؟


وقبل أن نتطرق بالتحليل والنقد لكل هذه الأطروحات، لعل من المناسب أن نعرج أولاً للمراحل التاريخية التي مرَّ بها المجلس الانتقالي ليصل إلى المكانة المتقدمة من النضال والتي وصل إليها اليوم. إن الحديث عن الانتقالي لا يمكن أن يكون بمعزل عن الحديث عن أبرز قياداته وهو القائد الفذ عيدروس الزُبيدي، الذي حمل على عاتقه ومنذ وقت مبكر القضية الجنوبية، فقد كان عضواً مؤسساً لحركة حق تقرير المصير (حتم) والتي بدأت نشاطها عام 1996م، فقد كانت لديه رؤية وبصيرة ثاقبة في فشل الوحدة وتحولها إلى احتلال، وقد تعرض الزبيدي بسبب هذا النشاط إلى المطاردة والإقصاء واضطر للهجرة إلى خارج البلد.
عاد الزبيدي بعد ما يسمى بثورة الشباب 2011م وشارك في المعارك ضد العفاشيين والحوثيين. وقد تعرّض لعدة محاولات اغتيال فاشلة تبنّاها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذراع العسكري للإخوان. وزحف من الضالع إلى مدن الجنوب بعد السيطرة عليها في 2015م والتي قضى على قوات الحوثي – العفاشي بقيادة ضبعان الذي انسحب في مشهد مذل ومخزٍ. بعدها تحرك من الضالع إلى مدينة عدن لتحريرها في مشهد شبيه بنزول الثائر تشي جيفارا ورفاقه من جبال السيرامايسترا لتحرير هافانا، وأصبح الزبيدي قائداً ثورياً يشار له بالبنان خاصة بعد أن استطاع القضاء على التنظيمات الإرهابية في عدن بعد فترة وجيزة وحافظ على مؤسسات الدولة التي تعرضت للنهب والسرقة من قبل هذه التنظيمات.

لم يرهن الانتقالي القضية الجنوبية للخارج ولكن البعض رهنها للاحتلال الشمالي

ومن تسلسل الأحداث هذه يتضح أن الشرارة الأولى للحراك الجنوبي كانت من الضالع، وأن تأسيس الانتقالي لم يكن بتوجيهات من الإمارات أو أنه نبتة شيطانية جذورها من الخارج، كما يحاول البعض إشاعته. وإن كان للإمارات الفضل في تدريب وتأهيل القوات الجنوبية التابعة للانتقالي، فإن ذلك يعود إلى حنكة الزبيدي ودهائه وعلاقاته الدولية الواسعة والتي مكّنته من استثمار علاقاته مع دول التحالف وفي مقدمتها الإمارات، والتي وفّرت له أسباب التوفيق في النجاح في مهمته، وهذا ليس عيباً خاصة وأن أهدافه تحررية على عكس تحالف الإخوان مع قطر الذي كان مشروعها إسقاط الدولة من خلال ما سمي بثورة 11 فبراير وعودة الشطر الشمالي إلى عهود الإمامة. وطبيعي أن يتم التعامل مع العدو الشمالي المحتل بسلاحين، الأول: هو حشد أكبر اعتراف دولي، وقد تم ذلك من خلال اتفاق الرياض الذي منح تفويضا للانتقالي بالتفاوض لحل القضية الجنوبية، والسلاح الثاني وهو المحافظة على الحدود الجنوبية وطرد كل القوات الشمالية من أراضيه. فالانتقالي لم يرهن القضية الجنوبية للخارج كما فعلت بعض القوى ورهنت القضية الجنوبية لقوى الاحتلال، كما لم يحتكر الانتقالي القضية الجنوبية لنفسه، بل على العكس دعا إلى توحيد كل جهود الجنوبيين في إطار المجلس الانتقالي ككيان سياسي يمثل كل الجنوبيين، ولا يزال الانتقالي يفتح ذراعيه لكل الجنوبيين شريطة أن تكون مؤمنة بمبدأ أساسي هو فك الارتباط، وقد لاحظنا بالأمس انضمام الحراك الثوري إلى الانتقالي من خلال تعيين الأستاذ عمرو علي سالم البيض في هيئة رئاسة المجلس الانتقالي، وهذا له دلالته الكبيرة في أن الانتقالي كيان يتسع لجميع الجنوبيين وستظل ذراعيه مفتوحتين لكل الجنوبيين.

نتائج مؤتمر الحوار هو أقصى ما يمكن أن تقدمه قوى الاحتلال

أثبتت الأيام أن نتائج الحراك السلمي لم يكتسب قبولاً أو تعاطفاً من الجنوبيين، فقد رأينا المهزلة وعدم الجدية في نتائج مؤتمر الحوار الفاشل الذي تم تسويقه كما لو أنه إنجاز للحراك الجنوبي، علماً أن لا أحد يمنعهم من النضال السلمي، فالساحات في الجنوب مفتوحة لأي تظاهرات سلمية، شريطة أن يكون مطلبهم فك الارتباط عن الشمال، أما إذا كان مطلبهم البقاء على الوحدة أو أي شكل من أشكالها فعليهم مواصلة تظاهراتهم أيضاً، ولكن في الشمال فهذا مكانهم الطبيعي. لكن عليهم أن يدركوا أن تعاطف قوى الاحتلال معهم ليس إلا تكتيكاً، فلو كان فيهم خيرًا لوجدنا نتائج جادة وأفضل بكثير من تلك المعالجات السطحية والدونية للقضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الذي سخِر من كل الجنوبيين، والذي شكلت نتائجه أقصى ما يمكن أن تعطيه قوى الاحتلال، خاصة أنه جاء بعد ثورة الشباب 11 فبراير، وكان يتوقع أن تجد القضية الجنوبية حلاً جذرياً وشاملاً، ولكن هذا هو سقفهم وهذا هو أقصى مدى يمكن أن يذهبوا له، فعندما يقولون إن الحل السلمي كان مجدياً فتلك مغالطة وتضليل، والاعتراف بنتائج هذا المؤتمر ما هو إلا بيع القضية الجنوبية.

أصبح الانتقالي رقماً صعباً في معادلة الردع والدفاع عن الجنوب

عندما أسس الزبيدي المجلس الانتقالي الجنوبي كانت قد وصلت القضية الجنوبية إلى مراحل متقدمة، مرت خلالها في مخاض عسير، والذي بلغ من النضج في الرؤية حداً لا يقبل التأويل أو المراوغة أو المساومة بالقضية الجنوبية، ففك الارتباط والانفصال عن الشمال واستعادة الدولة الجنوبية إلى حدود 1990م هي أهم أهدافه، وقد حظي بمليونيات جماهيرية تؤيده وتدعمه، وانتقل - حسب مراقبين - من مرحلة الاستجداء إلى مرحلة الاستقواء، ولكن الاستقواء على المحتلين وليس على أبنائه الجنوبيين، وحظي بتأييد دولي خصوصاً من الدول الدائمة العضوية، وهو انتصار لم يحققه غيره من الحراكات الأخرى التي تعرضت لاختراقات من سلطات الاحتلال العفاشية الحوثية الإخوانية، ولأول مرة أصبح للجنوب قوة تحميه، والتي أصبحت رقماً صعباً في معادلة الردع والدفاع عن الجنوب، وستكون قواته النواة الأولى لجيش جنوبي، خصوصاً إذا توحدت معه كل القوات الجنوبية المسلحة وتم الاستفادة من خبراتها وأعطيت لها دعما وأسلحة متطورة. لذلك فإن من يقول إن الانتقالي استبدل النضال السلمي بالنضال المسلح فهذه الأقوال ما هي إلا مراهقة سياسية وتقدير غير موفق، فالانتقالي لن يتخلى عن النضال السلمي ودائماً ما يطلب الحوار والمفاوضات مع الشطر الشمالي، ولكنه يرفض ذلك، لكن إذا فرضت عليه الحرب فلن يستسلم وسيقدم الغالي والرخيص من أجل وطننا الجنوب، فمسيرة النضال بدأت منذ كسر شوكة ضبعان في الضالع وهي البداية الأولى لإنهاء التواجد الشمالي في الجنوب وطرد التنظيمات الإرهابية من عدن، وهي بداية المعركة والتي فتحت ثقباً في جدار حل القضية الجنوبية، وهذا يعود للخبرة العسكرية التي يتمتع بها الزبيدي. ولو لم يدشن الزبيدي الكفاح المسلح لكنا اليوم (محلك سر) ولا زلنا لا نراوح مكاننا ولما استطاعت المظاهرات السلمية تحريك ساكن وفعل أي شيء، فقد رأينا كيف كان عفاش والحوثي يقمعها بقساوة –أي القضية الجنوبية - ولا يستمع لمطالب المتظاهرين.

مشاركة الانتقالي في الحكومة يخدم حماية الأمن القومي العربي

اتهام آخر تروّج له هذه القوى وهو أن الانتقالي يبحث عن المناصب، وهو اتهام مردود عليه، فلو كان الانتقالي يبحث المناصب فقد كان يستطيع ذلك دون الحاجة لكل تلك المسيرة من النضال، فهو وإن قبل في مشاركة الحكومة فإنما قبوله تكتيكي، فهو يبحث أولاً عن اعتراف إقليمي ودولي، والشيء الآخر هو قبوله بأن هناك عدواً مشتركاً يقف متربصاً ويهدد الأمن القومي العربي، وهو الحوثي، وينبغي إسقاطه.
أما فيما يخص الاتهام بأن الانتقالي لم ينجح على مستوى توفير الخدمات في عدن، فهذه والله كذبة وتضليل؛ لأن مفاصل الدولة ومواردها كلها تحت إدارة ما يسمى بالحكومة الشرعية التي تخلّت عن واجباتها في صرف المرتبات كنوع من العقوبة والضغط على الجنوبيين للثورة على الانتقالي وتوجيه اللوم عليه.

من هي القوى المحرضة على الانتقالي؟

أصبح واضحاً أن هذه الانتقادات لمستوى أداء المجلس الانتقالي ليس منشؤها جنوبياً، فهناك قوى تقف وراءها وهي التي تحرض على الانتقالي من خلال بعض الأصوات النشاز والتي هي للأسف جنوبية. فهي تشن هجومًا على الانتقالي من ناحيتين، الأولى: عبر تلك الحراكات التي تدّعي حرصها على بقاء الوحدة، وهي قوى أفل نجمها ولم تعد تمتلك أي قواعد أو جمهور جنوبي، والثاني: هو النهج التي تتبعه اليوم بعد فشل الحراك الأول، وهو حراك من صنيعتهم، والذي يحاول تشويه سياسات الانتقالي ويظهر له العيوب في محاولة لسحب البساط من تحته وتجريده من جماهيريته. وهذه الحراكات تمثل أفرادًا غير مدعومة جماهيرياً، ولكن قوى الاحتلال هي التي تدعمها مادياً وتحرص على تضخيم انتقاداتها إعلامياً لأنها تفتقر للجماهيرية والالتفاف الشعبي.

قضايا ملحة تنتظر الانتقالي

لكن هناك ثلاث قضايا ينبغي على الانتقالي التركيز عليها في المرحلة القادمة؛ الأولى: إرسال رسائل تطمينية للشركات النفطية والتي ارتبطت بأفراد متنفذين تستفيد من الاتفاقيات الانفرادية مع هذه الشركات والتي إذا لم تضمن بقاءها لأي نظام يقام في الجنوب فإنها يمكن أن تلعب دوراً معطلاً لاستقلال الجنوب. والثانية تتعلق باستعادة الدولة الجنوبية الفيدرالية كاملة السيادة، وهذا يتطلب الانفتاح على كل الجنوبيين في صيغة تضمن مصالح المحافظات المختلفة. أما الثالثة فهي مرتبطة بتعهد الدولة الفتيّة بضمان الأمن الإقليمي بعيداً عن النزاعات الدولية.