4 مايو/ تقرير/ مريم بارحمة
شهد وادي حضرموت، وتحديدًا مدينة سيئون، لحظة فارقة في تاريخ الجنوب الحديث. الأحداث المتسارعة التي انفجرت عقب اعتداءات ميليشيا المنطقة العسكرية الأولى على المتظاهرين السلميين، أطلقت موجة غضب شعبي غير مسبوق، وحوّلت الجنوب إلى مشهد موحّد يعكس عمق الأزمة الراهنة، ويكشف طبيعة القوى المسيطرة على الوادي ودورها في تهديد الأمن الإقليمي والتحالف العربي، بالتوازي مع فتح ممرات آمنة لمشروع الحوثي التوسعي.
-سيئون تختصر معركة الجنوب الكبرى
سقوط الضحايا من الأطفال وكبار السن برصاص الميليشيا لم يكن حادثًا عابرًا، بل الشرارة التي كشفت للعالم طبيعة هذه القوات التي تتصرف خارج القانون، وضمن أجندة سياسية تتجاوز فكرة “الجيش الوطني” الذي تدّعي الانتماء إليه. القمع العنيف للمتظاهرين، وإغلاق الطرق، واستخدام الذخيرة الحية ضد المدنيين، كل ذلك يؤكد أن المنطقة العسكرية الأولى ليست مؤسسة رسمية، بل أداة احتلال مفروضة على حضرموت، هدفها الأساسي قمع الجنوب ومنع إرادته من التعبير عن نفسه.
وخرج المواطنون في حضرموت وبقية محافظات الجنوب ليقولوا بصوت واحد إن ما حدث في سيئون ليس شأنًا محليًا، بل قضية جنوبية عامة، فالاعتداء على حضرموت هو اعتداء على الجنوب كله، وأمن الوادي جزء لا يتجزأ من أمن عدن وأبين وشبوة وكل جغرافيا الجنوب.
-تخادم إخواني حوثي مكشوف للجميع
الهتافات الشعبية لم تكن وليدة لحظة عاطفية، بل جاءت نتيجة إدراك واسع لدى أبناء الجنوب بأن ما يحدث في الوادي ليس انفلاتًا أمنيًا عابرًا، بل جزء من مخطط تخادمي بين جماعة الإخوان والحوثيين. القوى التي تطلق الرصاص على المدنيين في سيئون هي ذاتها التي فتحت سابقًا الطرق أمام الحوثيين، وسهلت تمددهم في مناطق عدة، بينما لعبت دورًا تخريبيًا عبر دعم الجماعات الإرهابية ونشر الفوضى.
وتشير التحركات المشبوهة في الصحراء، وعمليات التخريب المنسوبة لعمر بن حبريش وجماعات أخرى، إلى أن المشهد منسق ومترابط، ويهدف إلى ضرب استقرار حضرموت، وتأمين البيئة المناسبة لعودة الميليشيات الحوثية عبر بوابة الوادي.
-سلاح ابتزاز يخنق الجنوب
لجأت أدوات الإخوان في الوادي إلى إغلاق المنشآت النفطية وحرمان المواطنين من الخدمات، في خطوة وصفها الشارع الجنوبي بأنها عمل تخريبي يستهدف كل بيت جنوبي، ويكشف حجم المؤامرة التي تتجاوز البعد العسكري لتشمل خنق اقتصاد الجنوب وإرباك الحياة اليومية.
فالنفط هو شريان رئيسي لحضرموت، وتعطيل منشآته يعني إدخال المحافظة في فوضى اقتصادية واجتماعية، وهو ما يؤكد أن خطة الجماعة لا تستهدف استقلال القرار السياسي فحسب، بل تستهدف تدمير البنية الاقتصادية وإضعاف مؤسسات الدولة الجنوبية.
-وحدة الجنوب
المسيرات الشعبية التي خرجت في مختلف محافظات الجنوب شكلت تفويضًا شعبيًا كاملًا لمطلب رحيل المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت. هذا التفويض لم يأت من فراغ، بل يستند إلى تاريخ طويل من الانتهاكات التي مارستها هذه القوات ضد أبناء الجنوب. وتبرز هذه المسيرات أن الجنوب -من المهرة إلى العاصمة عدن، ومن شبوة إلى حضرموت- يتحدث اليوم بصوت واحد : رحيل قوات المنطقة العسكرية الأولى قرار شعبي لا يقبل المساومة ولا التأجيل. الأحداث أثبتت أن شعب الجنوب أقوى من الرصاص وكل أدوات القمع، وأن إرادة التحرير واحدة، مهما حاولت القوى المعادية خلق انقسامات أو تشويه الحقائق.
-دماء التحالف في عنق الجنوب
تضحيات قوات التحالف العربي، وخاصة القوات السعودية، كانت حاضرة في المشهد الشعبي. الجماهير أكدت أن دماء شهداء التحالف أمانة في أعناق الجنوبيين، وأن هذه التضحيات لن تُهدر ببقاء ميليشيات تهدد الأمن الإقليمي وتتناغم مع المشروع الحوثي.
ويطالب أبناء الجنوب التحالف بتحمل مسؤولياته واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الجرائم التي ترتكبها الميليشيات، وتوفير حماية للمدنيين، وقطع أي سلسلة تخادم تهدد أمن المنطقة.
-حقيقة الجيش الوطني المزيف
الرسالة الشعبية من سيئون واضحة: المنطقة العسكرية الأولى لا تمثل الجيش الوطني، بل مشروعًا سياسيًا لجماعة الإخوان المسلمين، ومسارًا عدائيًا موجهًا ضد الجنوب وليس ضد الحوثي.
فالأسلحة الموجهة عادة لجبهات القتال، وُجهت إلى صدور المتظاهرين العُزّل، ما يعكس بوضوح طبيعة هذه القوات ودورها الوظيفي في الحفاظ على احتلال الوادي ومنع أبناء حضرموت من إدارة شؤونهم بأنفسهم.
-المشهد القبلي حضرموت تنتفض
المواقف القبلية الأصيلة في وادي وصحراء حضرموت كانت حاسمة، حيث أعلن المشائخ والمقادمة والأعيان موقفًا واضحًا:
تحرير وادي حضرموت واجب وطني وقومي.
وطالبت القبائل برحيل الميليشيات والعناصر الإرهابية المتخادمة معها، مؤكدة وقوفها الكامل مع القوات المسلحة الجنوبية، باعتبارها القوة النظامية الوحيدة القادرة على حماية حضرموت وتأمينها.
-الدرع الحقيقي لحماية حضرموت
تظهر القوات المسلحة الجنوبية كركيزة صلبة ودرع حقيقي يدافع عن الأرض والإنسان. أثبتت هذه القوات بأدائها وانضباطها وتضحياتها جاهزيتها وقدرتها على استعادة الأمن في الوادي، وحماية حدود الجنوب من أي محاولة اختراق.
الشارع الجنوبي يؤكد أن معركة حضرموت هي معركة الجنوب بأكمله، وأن القوات الجنوبية لن تتخلى عن أبناء الوادي مهما كانت التحديات.
-نداء إلى المجتمع الدولي
في ظل التخادم الإخواني الحوثي والانتهاكات الممنهجة، يتحوّل الوادي إلى مساحة مفتوحة للجماعات المتطرفة، ما يستدعي تدخلًا أمميًا عاجلًا لمنع تحويل المنطقة إلى بؤرة إرهابية تهدد الأمن المحلي والإقليمي والدولي.
التحذيرات الصادرة من الشارع الجنوبي واضحة: على الأمم المتحدة أن تتحرك قبل فوات الأوان.
-بيان المجلس الانتقالي الجنوبي.. حضرموت خط أحمر
جاء بيان المجلس الانتقالي الجنوبي ليضع إطارًا سياسيًا واضحًا للتعامل مع التطورات، مؤكدًا أن ما يجري في الوادي نتيجة مباشرة لسنوات من تمكين جماعات مرتبطة بالإخوان والحوثيين، استغلت الوادي كممر للتهريب وبؤرة نشاط إرهابي يستهدف أمن الجنوب والتحالف العربي.
وأوضح المجلس أن إطلاق عملية المستقبل الواعد جاء بعد استنفاد كل الخيارات السياسية والأمنية، وأن هذه الخطوة ليست موجهة ضد أبناء الوادي، بل ضد القوى التي حوّلت مؤسسات الدولة إلى مظلة للإرهاب. كما شدد البيان على التزام القوات الجنوبية بحماية المدنيين والممتلكات، وإصدار عفو عام محدود يشمل من لم يتورط في جرائم دم أو إرهاب، مع توجيه الرعاية الصحية للجرحى والإفراج عن المحتجزين غير المتورطين، ودعا المواطنين للإبلاغ عن أي تجاوزات عبر القنوات الرسمية. واختتم البيان بالتأكيد أن حضرموت خط أحمر، وأن استعادة الأمن تمثل خطوة نحو مرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية ضمن المشروع الوطني الجنوبي.
-قرار التحرير نهائي
تختصر سيئون اليوم المشهد الجنوبي كله. ما حدث كشف حقيقة القوى المسيطرة على الوادي، وأثبت أن الجنوب موحّد في إرادته، وأن قرار تحرير وادي حضرموت لم يعد مطلبًا سياسيًا، بل قرارًا شعبيًا راسخًا لا يمكن التراجع عنه.
رسالة الجنوب للعالم كانت واضحة وصريحة: حضرموت خط أحمر.. والجنوب لن يترك أبناء الوادي وحدهم.
سيئون اليوم تقف كجبهة الوعي، وبوابة التحرير، ونقطة الالتقاء التي اجتمعت عندها إرادة الجنوب بكل مكوناته، معلنة أن زمن الاحتلال الإخواني الحوثي قد انتهى، وأن التاريخ يُكتب من جديد في حضرموت، بقلم الشعب وإرادة الميدان.
#الجنوب_كله_سيئون
#المستقبل_الواعد