4 مايو/ تقرير / منير النقيب
في خطوة أثارت اهتماماً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية قرارها بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية أجنبية.
هذا التحرك يمثل منعطفاً مهماً في مسار التعامل الدولي مع التنظيم، ويؤشر لمرحلة جديدة من المواجهة الفكرية والأمنية مع الجماعات المتطرفة التي توظف الدين غطاءً لمشاريعها السياسية.
*دلالات سياسية وأمنية
القرار الأمريكي جاء بعد تقييمات استخباراتية وأمنية استمرت لسنوات، وارتكزت على سجل واسع من الأنشطة التي وُصفت بأنها تهدد الأمن والاستقرار في عدد من الدول. ويعيد هذا التصنيف تسليط الضوء على الدور الذي لعبته الجماعة في تغذية العنف، وتوفير بيئات حاضنة للتطرف، ودعم حركات مسلحة مرتبطة بها أو متأثرة بفكرها في المنطقة.
كما يعكس القرار توجهاً أمريكياً واضحاً للحدّ من تمدّد الجماعة داخل مؤسسات الدولة في بعض البلدان، وحرمانها من الغطاء السياسي الذي كانت تحاول الظهور به في سياقات مختلفة.
*الإخوان والحوثيين منهج واحد
يأتي القرار الأمريكي في وقت تتزايد فيه المقارنات بين جماعة الإخوان المسلمين وميليشيا الحوثي، باعتبارهما جماعتين تتبنيان منهجاً واحداً، رغم اختلاف المذهب والخطاب الديني.
كلا التنظيمين يعمل وفق أسلوب هرمي مغلق، وأهداف عقائدية تتجاوز الحدود الوطنية، واستخدام ممنهج للعنف في السيطرة على مؤسسات الدولة.
وتشير تقارير دولية إلى أن قواسم مشتركة تجمع المشروعين؛ من بينها:
- توظيف النصوص الدينية لفرض سلطة سياسية مطلقة.
- إنتاج خطاب تعبوي قائم على التفوق العقائدي وإقصاء الآخر.
- إدارة شبكات نفوذ مالية وإعلامية عابرة للحدود.
- السعي لفرض واقع سياسي بالقوة والسلاح.
هذا التشابه يعزز منطق التعامل مع الجماعتين بوصفهما كيانات إرهابية، ويقوي موقف الدول التي لطالما دعت لإدراج الإخوان ضمن القوائم الدولية الخاصة بالتطرف.
*ضغط دولي
مع تزايد القيود المفروضة على الإخوان في أوروبا والشرق الأوسط، وتراجع حواضنها الشعبية، يعتبر التصنيف الأمريكي تطوراً سياسياً يعمّق عزلة الجماعة. فالجماعة تواجه بالفعل حظراً في عدة دول عربية، وملاحقات قضائية، واتهامات بتمويل جماعات مسلحة، ما يضعها اليوم أمام أكبر حصار دولي في تاريخها.
ويرى محللون أن هذا القرار يعيد رسم خريطة التعاطي مع التنظيمات العابرة للحدود، ويعطي زخماً للدول التي تحارب الإرهاب فكرياً وأمنياً، خاصة في مناطق النزاع مثل اليمن، حيث تتقاطع أدوار الإخوان مع جماعات أخرى مثل الحوثيين.
*انعكاسات إقليمية
من المتوقع أن ينعكس القرار على أداء الحكومات المعنية بمحاربة التطرف، من خلال:
• تضييق مصادر التمويل المرتبطة بالجماعة.
• رفع مستوى التنسيق الأمني الدولي.
• تعزيز مراقبة المؤسسات والواجهات التابعة للإخوان.
• تحجيم تأثيرها السياسي في البلدان التي تشهد اضطرابات.
كما سيمنح القرار دفعة قوية للجهود الإقليمية الرامية لتجفيف منابع التطرف، باعتبار الإخوان والحوثيين جزءاً من شبكة أوسع تستفيد من الفوضى والانقسامات الطائفية.
*نهاية مرحلة
يعدّ القرار الأمريكي بداية لمرحلة أكثر حسماً في تصنيف الجماعات ذات الطابع العقائدي السياسي، ويؤكد أن المجتمع الدولي بات ينظر بجدية إلى العلاقة بين الفكر المتطرف والممارسة السياسية التي تتخذ من الدين عباءة للعمل السري أو المسلح.
ومع استمرار التوترات الإقليمية ومشاريع النفوذ المتقاطعة، تبرز الحاجة الملحّة لمواقف دولية أكثر وضوحاً تجاه الجماعات التي تهدد السلم الاجتماعي، سواء حملت شعار الإخوان أو رفعت راية الحوثيين. فكلاهما –وفق مؤشرات كثيرة– يقف عند نقطة واحدة: استخدام المقدّس لتحقيق مشروع سياسي شمولي يقوم على الإقصاء والصدام.
*رسالة سياسية وأمنية كبرى
قرار واشنطن هو رسالة سياسية وأمنية كبرى تؤكد أن الإخوان والحوثيين يدخلون اليوم في خانة واحدة لدى المجتمع الدولي وهي جماعات إرهابية عابرة للحدود، تهدد استقرار الدول وتغذي الصراعات.
وفي ضوء هذا التحول، يبدو أن خريطة المنطقة تستعد لمرحلة جديدة من المواجهة مع التطرف، تتطلب يقظة أكبر وتعاوناً دولياً أوسع.