الرئيس القائد عيدروس الزبيدي يبحث مجالات التعاون المشترك مع جمهوريتي اوغندا والصومال.. انفوجرافيك

الرئيس عيدروس الزُبيدي يلتقي ضمن وفد مجلس القيادة الرئاسي رئيس جمهورية العراق ووزير خارجية البحرين

الرئيس الزُبيدي يلتقي مديرة مبادرات الشرق الأوسط بالمنتدى الاقتصادي العالمي.. انفو جرافيك



اخبار وتقارير

الخميس - 25 سبتمبر 2025 - الساعة 07:03 م بتوقيت عدن ،،،

4 مايو / د. يحيى شايف ناشر الجوبعي



أ-المقدمة
يشهد العالم اليوم تحولات تقنية متسارعة نتيجة التطورات الهائلة في الذكاء الاصطناعي، الذي أصبح أحد أعمدة الثورة الصناعية الرابعة، وأداة استراتيجية في كافة مجالات الحياة، بما في ذلك الأمن ، والاقتصاد ، والسياسة، والصحة، والتنمية. ورغم الفرص الكبيرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي لتعزيز رفاه الإنسان وتطوير المجتمعات، إلا أن طبيعته كسلاح ذي حدّين تثير جدلاً عالميًا حول مخاطره المحتملة، لا سيما إذا تم توظيفه لأغراض عسكرية أو من قبل جهات غير شرعية.

مشكلة البحث:
تكمن مشكلة البحث في التحدي المزدوج الذي يفرضه الذكاء الاصطناعي على الأمن الإقليمي والدولي، خصوصًا في مناطق النزاع مثل اليمن، حيث يمكن أن يكون أداة لتعزيز التنمية والسلام، أو وسيلة بيد الجماعات المسلحة لنشر الفوضى والتضليل وتطوير أسلحة قاتلة.
السؤال المركزي للبحث:
كيف يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي كأداة لتعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي، دون أن يتحول إلى خطر يهدد الاستقرار؟
أهمية البحث:
راهنية موضوع الذكاء الاصطناعي في السياسات الدولية.
قلة الدراسات التي تربط بين الذكاء الاصطناعي والنزاعات المسلحة، خاصة في اليمن.
إبراز رؤية جنوبية متقدمة في الأمم المتحدة، تمثلها كلمة الرئيس الزبيدي.
-أسباب اختيار الموضوع:
الحاجة إلى فهم أعمق لأبعاد الذكاء الاصطناعي في النزاعات.
أهمية تحليل الخطابات السياسية الدولية كوثائق تحليلية.
تقديم مساهمة فكرية جنوبية في نقاش عالمي تقني وسياسي.
-أهداف البحث:
١-تحليل رؤية الرئيس الزبيدي حول الذكاء الاصطناعي.
٢-بيان استخدامات الذكاء الاصطناعي في التنمية والسلام.
كشف مخاطره في البيئات غير المستقرة مثل اليمن.
٣-تقديم حلول واقعية لتنظيم استخدامه دوليًا.
فرضيات البحث:
١-الذكاء الاصطناعي قادر على دعم السلام إذا تم توظيفه بشكل مسؤول.
٢-الجماعات الخارجة عن الشرعية تستغل الذكاء الاصطناعي لأغراض تخريبية.
٣-غياب الحوكمة الدولية يزيد من خطورة الذكاء الاصطناعي في مناطق النزاع.
خطة البحث:
١-الإطار النظري: التكنولوجيا كسيف ذو حدّين
تستند هذه الدراسة إلى نظرية "التكنولوجيا كسيف ذو حدين"، التي تنظر إلى أي تطور تكنولوجي بوصفه محمّلاً بإمكانيات بنّاءة ومدمّرة في آنٍ واحد. الذكاء الاصطناعي، بوصفه أعلى أشكال التكنولوجيا الرقمية، يحمل في طياته احتمالات هائلة لدعم التنمية، لكنه في الوقت ذاته قد يتحول إلى أداة تدمير إذا وقع في الأيدي الخطأ، أو غاب الإطار الأخلاقي والرقابي عن استخدامه.

٢-الذكاء الاصطناعي كأداة للتنمية والسلام
تناول الرئيس الزبيدي في خطابه إمكانيات الذكاء الاصطناعي في خدمة البشرية، خاصة في البيئات ما بعد النزاع. ومن أبرز أدواره التنموية:
تحسين الخدمات العامة: عبر الأتمتة وتحليل البيانات الضخمة.
مراقبة وقف إطلاق النار: من خلال الأنظمة الذكية والطائرات المسيرة للتحقق.
تعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع: عبر تحسين الشفافية والمساءلة.
تتبع المساعدات الإنسانية: وضمان وصولها للمستحقين دون تلاعب.
تعزيز العدالة الانتقالية: من خلال دعم مؤسسات إنفاذ القانون وتحقيق العدالة.
كل هذه الجوانب تجعل من الذكاء الاصطناعي شريكًا فعالاً في جهود بناء السلام، وإعادة الإعمار، وإصلاح المؤسسات.

٣-الذكاء الاصطناعي كتهديد أمني
في الجانب الآخر، يشير الرئيس الزبيدي إلى استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة تدمير، خاصة إذا ما وُظف من قبل جماعات مسلحة مثل الحوثيين، وتشمل هذه الاستخدامات:
نشر الدعاية والتضليل: عبر الذكاء الاصطناعي اللغوي والتزييف العميق
تطوير أسلحة ذاتية التشغيل: خارج الأطر القانونية الدولية.
الهجمات السيبرانية الموجهة: التي تعطل البنية التحتية للدول.
تقويض الثقة العامة: من خلال بث روايات كاذبة وزعزعة المؤسسات.
كل هذه الأبعاد تجعل من الذكاء الاصطناعي تهديدًا مضاعفًا في بيئات هشّة سياسيًا وعسكريًا، كما هو الحال في اليمن.

٤-دراسة الحالة اليمنية
تمثل مثالًا حيًا للبيئة التي قد يُستغل فيها الذكاء الاصطناعي لأغراض مدمّرة:
الميليشيات مثل الحوثيين، المدعومين من إيران، بدأوا باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في نشر دعاية مضللة، وزيادة قدرتهم التقنية في الحرب الإلكترونية.
في المقابل، تغيب البنية التقنية لدى الشرعية اليمنية، مما يخلق فجوة في امتلاك أدوات المواجهة.
عدم وجود رقابة دولية فعلية على استخدام هذه التكنولوجيا في اليمن يزيد من مخاطرها.
وبالتالي، فإن الحاجة ملحّة لتأطير استخدام الذكاء الاصطناعي ضمن بيئة قانونية دولية، خاصة في الدول الخارجة من النزاع.

٥-تحليل خطاب الرئيس الزبيدي في الأمم المتحدة
يُعد خطاب الرئيس الزبيدي من أوائل الخطابات العربية التي تتناول الذكاء الاصطناعي من زاوية أخلاقية وسياسية وإنسانية في آن واحد. وقد تميز بـ:
الوضوح السياسي في تسمية الفاعلين غير الشرعيين (مثل الحوثيين).
الربط بين الذكاء الاصطناعي وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
الدعوة إلى الحوكمة العالمية لاستخدام الذكاء الاصطناعي.
الدمج بين الجانب التقني والعدالة السياسية، من خلال المطالبة بمنح الجنوب حقه في إطار سلمي وتقني.
هذا الخطاب يمثل تحولاً في الخطاب السياسي الجنوبي نحو العالمية الرقمية، ويستحق أن يُدرس كوثيقة تحليلية ورؤية استراتيجية.

٦-النتائج والتوصيات
أ-النتائج:
الذكاء الاصطناعي يحمل إمكانية هائلة لدعم السلام، لكنه يظل خطرًا ما لم يُنظّم دوليًا.
الجماعات الخارجة عن الشرعية تستخدم الذكاء الاصطناعي في زعزعة الاستقرار.
لا يوجد حتى الآن إطار قانوني دولي فعّال ينظم هذه الاستخدامات، خاصة في مناطق النزاع
ب-التوصيات:
١-سن تشريعات دولية ملزمة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في النزاعات.
٢-إنشاء مرصد دولي مستقل لرصد التجاوزات في استخدام هذه التقنية.
٣-دعم برامج توظيف الذكاء الاصطناعي في السلام والتنمية، لا سيما في الدول الخارجة من الحروب.
٤-ضمان أن تشمل حوكمة الذكاء الاصطناعي قضايا العدالة وحق تقرير المصير.
٥-تمكين الجنوب اليمني من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في الدفاع عن قضيته، وتوظيفها في الحشد السلمي والدبلوماسي.

د-الخاتمة
يمثل الذكاء الاصطناعي مرحلة فارقة في مستقبل البشرية، وقدرة الشعوب على توجيهه نحو الخير أو الشر ستحدد شكل النظام العالمي القادم. في ظل النزاعات الإقليمية والدولية، يصبح تنظيم استخدام هذه التقنية مسألة تتجاوز الجانب التقني إلى الجانب القيمي والسياسي.
وقد كان خطاب الرئيس عيدروس الزبيدي أمام الأمم المتحدة مساهمة نوعية تدمج بين رؤية سياسية جنوبية واضحة، وتحليل استراتيجي عميق لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. ومن هنا، فإن استثمار هذه الرؤية في جهود السلام والعدالة يُعد أولوية إقليمية ودولية، ويمنح الجنوب فرصة لتقديم ذاته فاعلًا حضاريًا في عصر الذكاء الاصطناعي.


*رئيس منسقية جامعة عدن