رئاسة الانتقالي تُطالب مجلس القيادة بإجراءات حازمة وحاسمة توقف العبث بملف الخدمات.. انفوجرافيك

كل عام والجنوب وأهله بخير.. كاركاتير

برئاسة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي هيئة الرئاسة تثمن دعم الأشقاء بدولة الإمارات ومواقفهم الأخوية والإنسانية تجاه شعب الجنوب



اخبار وتقارير

الخميس - 03 ديسمبر 2020 - الساعة 03:35 ص بتوقيت عدن ،،،

"4 مايو" كتب/ بكيل الجحافي:


تحت ذريعة إنقاذ السفينة البريطانية (دوريا دولت) تمكنت بريطانيا، صبيحة يوم الاثنين 19 يناير ۱٨۳٩م، وبعد معركة غير متكافئة سقط فيها شهداء من عدن وأبين ولحج، من احتلال عدن، بعدها وبأعوام لم تتوقف المقاومة الشعبية الجنوبية متخذة أشكالا وأنواع وأساليب مختلفة ومتنوعة في حدود الوعي والإمكانيات المتاحة للنضال أمام قوة مثل (بريطانيا العظمى) المملكة التي لا تغيب عنها الشمس، تمثلت بعشرات السنين بالتمردات والانتفاضات القبلية كعبدات حضرموت، وبالحارث والعوالق شبوة وآل قطيب، وردفان، والصبيحة، ويافع، والنخعين، والحواشب، والضالع، والشعيب، ثم تطورت إلى الإضرابات والمظاهرات والاعتصامات بعد قيام ثورة يوليو ١٩٥٢م المصرية وما تلاها من فكر قومي عربي تحرري بقيادة الزعيم جمال عبدالناصر وانعكاساته على الإنسان العربي بلغ الوعي الجمعي الجنوبي أوجه.

هنا بدأ شعب الجنوب ينظم طاقاته وقدراته نحو آماله وتطلعاته، وبدأ بتأسيس نقابات وأحزاب وتنظيمات سياسية كالجبهة القومية وجبهة التحرير والبعث، واتحاد الشعب، ورابطة أبناء الجنوب العربي، والجمعية العدنية، والمؤتمر العمالي، اشتعلت الشرارة الأولى للثورة صبيحة 14 أكتوبر ١٩٦٣م من ردفان بقيادة الجبهة القومية والتحرير وفصيل من التنظيمات والقبائل بإعلان الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني، وفي أول عملية صبيحة 14 أكتوبر في ردفان التي سقط فيها أول شهيد (راجح بن غالب لبوزة) بدأ العد الفعلي للثورة، ورغم الهجمات الوحشية القمعية بما فيها الطيران البريطاني ومدفعيته لقمع الثورة وإخمادها في مهدها إلا أن ذلك لم يؤدِّ إلا لمزيد من الالتفاف الجماهيري، وانخراط الكثير حول الثورة والعمل الفدائي.

بعد فتح جبهة الضالع والعوالق وبيحان ودثينة تطور أسلوب النضال وتعززت روح المقاومة واشتدت مسيرة الثورة وتصلب عودها في معمعان النضال وخوض المعارك واستهداف عقر أوكارهم وقوافل الإمداد مما أربك العدو وزعزع أركان نظامه، وعلى إثر ذلك استخدم الاحتلال البريطاني كل قواته العسكرية من طيران وأساطيل بحرية وقوات مشاة ومدفعية وسلاح الملكية بعدن ومنها عملية (ردفورس ردفان) عملية ردع دفاع كأشهر معركة حدثت بالشرق الأوسط مستهدفة المرتفعات المشرفة على وادي تيم ووادي الذنبة والتي باتت بالفشل وزادت من شراسة المقاتلين والمواجهة والبيانات المتكررة المختلفة الصادرة باسم الجبهة القومية لتحرير الجنوب العربي، وأدرك العدو حينها أن الأمر ليس ردة فعل وأن هناك ثورة تحررية مشتعلة. ونتيجة لصمود الثوار شملت المواجهات معظم مناطق الجنوب وبشكل عصابات وهجمات مباغتة وكمائن على إمداداتهم وقوافلهم بالضالع، وبعد عقد أول لقاء سري عريض في ٢٤ مارس١٩٦٤م وتحديد 24 يوليو (كفاح مسلح)، والهجوم على القاعدة العسكرية البريطانية ومقر المستشار ودور الأمراء والسلاطين، أمتدَ القتال إلى مناطق الصبيحة والحواشب ويافع وأبين وبيحان وعبدات حضرموت والعوالق والقطيب والنخعين، وهكذا انتقلت الثورة وامتدت إلى قلب منطقة الوجود الاستعماري وقواعده الرئيسية في العاصمة عدن، مما زاد الثقة للجماهير بأنها تملك فعلا طاقات هائلة زاد وهج الثورة بالعمل الفدائي الأسطوري وتفجير سكن ومطاعم الضباط الإنجليز واصطيادهم بشوارع عدن مع العملاء والمتعاونين معهم، ورافق ذلك أشكال أخرى من النضال مثل الاحتجاجات والإضرابات والمسيرات الشعبية، ولعب الشعراء والفنانون عبر الأناشيد الحماسية والوطنية دورا كبيرا في اتساع الثورة في كل ربوع الوطن، ملحقة العدو خسائر كبيرة في المجال العسكري والاقتصادي، وهذا أدى لإبراز قضية الشعب الأساسية وأهدافها إلى المجال الدولي على المستوى العربي والعالمي، وحقق مكاسب للثورة على مختلف الأصعدة، وزادها قوة وتماسكا عملية الدمج التي حدثت في ١٤ يناير ١٩٦٦م بين الجبهة القومية وجبهة التحرير في جبهة واحدة سميت (جبهة تحرير الجنوب العربي المحتل) والتي استمر الكفاح المسلح تحت إطارها لمدة عام كامل ثم عادت الجبهة القومية وانفصلت عن جبهة التحرير، إلا أن العمل الفدائي كان يتصاعد وبضراوة وشمل معظم مديريات عدن، فحاول المحتل امتصاص هذا الحماس الثوري بإجراء حوار عبر القوى الموالية له من السلاطين والأمراء والعملاء واعدًا إياهم بأنه سيمنح الجنوب استقلاله ليكونوا هم قواعده وأجندته في المنطقة إلا أن هذه اللعبة المكشوفة لم تنطلي على أحد من كل فصائل الحركات الوطنية الثورية واستمر الكفاح والقتال يزداد ويزداد وفي الوقت نفسه اتخذت قوى الثورة استراتيجية جديدة تمثلت في تطويق الريف للمدينة وعملت على إسقاط النظام السلاطيني بالمحافظات الغربية والشرقية واحدة تلو الأخرى ابتداء بسقوط الضالع، ثم دثينة والواحدي والقعيطي والكثيري وانتهاء بسقوط (العوالق) ثمّ محاصرة الاحتلال بالعاصمة عدن حتى سقطت مدينة كريتر بيد الجبهة القومية في ۲۰ يونيو ٦٧م، حينها قال الشاعر: (وقائد الجيش البريطاني مسكين ارتبش.. في يوم عشرين الأغر ضيّع صوابه)، حينها بدأت بريطانيا تفكر بالانسحاب وتسليم الوطن لمن ستتفاوض معه، وبدأت المفاوضات حول الاستقلال فتشكل وفد الجبهة القومية للمفاوضات على الاستقلال في جنيف الذي بدأ فعليًا لفبراير ١٩٦٧م مكون من: قحطان الشعبي رئيسا للوفد، سيف الضالعي عضوا، عبدالله صالح عولقي عضوا، فيصل عبد اللطيف عضوا، محمد أحمد البيشي عضوا، عبدالفتاح إسماعيل عضوا، بالإضافة لعدد من المستشارين والفنيين واستمرت المفاوضات حتى تم انسحاب آخر جندي بريطاني من الجنوب المحتل وإعلان الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م ليمثل الـ(٣٠) من نوفمبر يومًا عظيمًا نزل فيه العلم البريطاني من سماء الجنوب ورفع العلم الوطني (علم الجنوب العربي الحر المستقل) وآخر ما تبقى من قادة وجنود الاحتلال يتسابقون للحصول على مقاعد لهم في آخر رحلة للطيران البريطاني من عدن هذا اليوم التاريخي الذي جسد الإرادة الوطنية الحقيقية للمناضلين الأحرار ونقطة مجيدة وعلامة مضيئة في سماء تاريخ وحاضر ومستقبل الجنوب تتوارثه الأجيال جيل بعد جيل حتى قيام الساعة.